كلمة تفصيلية للأمين العام للجماعة في اللقاء التعريفي لمسؤولي الهیأت التنفيذية المركزية

الأستاذ عبد الرحمن بيراني الأمين العام لجماعة الدعوة والإصلاح: إن الجماعة ككل لها هدف ورؤية نبيلة وهي النيل برضوان الله تعالی والنجاة من النار ودخول الجنة وقد حددت الجماعة واجباتها ورسالتها على محور الإصلاح.

أبدأ كلمتي بالإلهام من الآية الثانية من سورة الملك، يقول القرآن الكريم:

"الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ" [الملك: 2]

لقد خلق الله تبارک وتعالی الإنسان ووهبه العقل والإرادة والقدرة على الاختيار ولقد سخر له الأرض وأنزل الكتب السماوية على الأنبياء، وأنعم بشكل خاص على أتباع سید المرسلین بكتاب عالمي أبدي.

فمن المناسب أن یختبره كما قال؛ "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا"

ومن الجدير بالذكر أن الهداية في الأصل أمر قطعي ومؤكد، ولا تحتاج إلا إلى إرادة ورغبة وقبول وصایا رب العالمين بوعي وكما قال لسيدنا آدم عليه السلام وزوجته وأولاده في بداية حياتهم:

"قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" [البقرة: ۳۱]
وكما تعلمون، أن في الآية الثانية من سورة الملك، غلب "الموت" على الحياة؛ لأن الموت هو الحدث الأهم والأخطر الذي يحدث في حياة الإنسان، ولأنه يأتي في وقت محدد. إن الموت يسلب الإنسان كل الفرص ولا يترك له مجالاً للقيام بأي عمل، حتى فرصة التوبة والندم والتعويض عن الأخطاء وتصحیح الهفوات والنقائص؛ إن الموت، مثل الحياة، هو من خلق الله الخالق:

"الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاَ وهو العزيز الغفور"

كلمة "عزيز"؛ تعني أن الله عز وجل لا يقهر، وإرادته وعنايته لا يمكن اختراقها، وهي مستمرة وشاملة. وكلمة غفور: تعني (ذو الغفران والرحيم والكريم)؛ وما دام الإنسان حياً ويستغفر ويتوب فإنه يستطيع أن يصحح أخطائه وذنوبه. ورسالة: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) أي: أنكم خلقتم ليروا ربكم نتائج أفعالكم وسلوككم، كما جاء في الآية 14 من سورة يونس: "ثم جعلناكم خلائف الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون". لأن العقيدة، والفكر، والرسالة، والعمل، والعبادة، والأخلاق، والقيام بدور إيجابي في إعمار الأرض وخدمة البشر والمواطنين في الحياة، كل ذلك يعتمد على الإرادة الحرة الواعية والاختيار الذاتي، والإنسان هو حجر الزاوية في حياته ووجوده، وفي مستوى فهمه وإدراكه للحياة والموت، ومسؤولية المساءلة في الدنيا والآخرة.
لذلك فمن المناسب أن نسعى بصدق ووعي إلى النجاح والاعتزاز بالاختبار الإلهي، ولا نحمل معنا الندم والأسف على تفويت الفرص الثمينة.

وفي هذا السياق قالوا: إذا لم يكن لديك خطة لنفسك، أي أنك مستعد لتنفيذ خطط الآخرين.

إذا لم تتمكن من تنظيم حياتك وفقاً لأوامر دين الإسلام الواضح ومعايير العدل الإلهي هذا يعني أنك أعددت الأرضية للفشل في الاختبار الإلهي وسوف تفقد "الحياة" - وهذه هي الفرصة الثمينة الوحيدة في الحياة للحصول على المتعة الإلهية والفردوس الأعلى، والذي يعتبر من وجهة نظر العرفاء المسلمين: التخطيط الدقيق للإدارة السليمة للحياة الدنيوية بمثابة ولادة جديدة.

لا شك أن امتلاك المعرفة الكافية لإدارة الحياة والاستغلال الناجح للموارد والفرص لتحقيق الأهداف العليا تتحتاج إلی اليقظة والشعور بالمسؤولية، والإيمان: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ‎﴿٢٦﴾‏ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"
إخوتي الأعزاء من الجدير بالذكر أننا الآن نرافق جماعة

أولاً، إنها تتصرف بشكل هادف
ثانياً: لا بد من تحديد أهدافها في ضوء تعاليم الإسلام الحنيف، وبناءً على احتياجات وأولويات المجتمع المستهدف، حتى يتمكن الأعضاء الكرام من مرافقة الجماعة حسب ذوقهم وقدراتهم واهتماماتهم، والمساعدة في تحقيق الأهداف الجماعية.

إن الجماعة ككل لديها هدف ورؤية نبيلة وهي: النيل برضوان الله والنجاة من النار ودخول الجنة.

لقد حددت الجماعة واجبها ورسالتها على محور الإصلاح، ولذلك فمن المناسب لأعضاء الجماعة الكرام أن يركزوا بشكل جدي على تزکیة أنفسهم وإصلاحها قبل الآخرين. لأنه إذا لم تكن لدينا القدرة على الرجوع والتصحيح والتوبة والاعتذار والتعويض وإزالة نقائصنا في ما يتعلق بذنوبنا وأخطائنا وزلاتنا وربما انحرافاتنا، فلن نكون جديرين بمساعدة الآخرين على تصحيحها ونصبح دون قصد من بين الذين حذر منهم القرآن الكريم: (لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ) [الصف: 2].
یا لها من عظمة وشرف لو أننا نحن أبناء الجماعة كغيرنا من الصالحين المخلصين، تمسکنا جدياً بمبدأ تزکیة النفس وإصلاحها، وإذا أصبحت هذه الصفة مثل قبول الآخر سمة أخرى من سمات الجماعة وخصائصها وقام الأعضاء بعلاج نقائصهم وزلاتهم وأخطائهم مع الوعي والإرادة الواعية وسعوا جدیاً إلى تحسين علاقتهم وتصالحهم مع الله ومع أنفسهم وأسرهم و والجماعة والمجتمع، وکانوا مستعدين للتوبة والرجوع والاعتذار وتعویض نقائصهم وأخطائهم، وجعلوا الحياة فرصة ثمينة لتقليل سيئاتهم وزيادة حسناتهم وتحديد نتيجة جيدة لأنفسهم، بحيث:

"فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ" [القارعة: ۶-۷]

وفي الختام، إننی أرجو رجاء واثقا بأن ستكون الهداية والتوفيق الإلهيين متوافقين مع ظروفنا، وأننا سوف ننظر إلى الحياة بجدية باعتبارها فرصة لتعويض نقائصنا والحصول على الرضا الإلهي، وسوف نقدر أيام الحياة كما تستحق. كما يقول الحسن البصري رحمه الله:

"یَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، إِذَا ذَهَبَ يَوْمٌ، ذَهَبَ بَعْضُكَ."

وأخيرا:

"فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور" [آل عمران: ۱۸۵]
والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته